قصة قصيرة ( بوح المطر )

بقلم - هيا الدوسري
سرت إلى ذلك المقهى غير البعيد في آخر الشارع تحت المطر وتحت مظلتي وفي المقهى اخترت مكاناً هادئاً يطل على الخارج ، وأخذت أتأمل سقوط المطر خلف الزجاج ، أرتشف قهوتي وأكتب قصيدتي ثم التقط قطراته بعدستي .. يقول قلمي في مذكراته ..
لقد سكنت الشوارع والأرواح واختبأت الطيور وبقيت أنا أسير وحدي , ياإلهي ! نسمات هواء المطر و الهدوء الناعم والضوء الذهبي المنعكس على الأرض المبللة بالماء ، ياله من منظر ساحر ،أسير وأسير وأتوقف قليلاً لأتأمل السماء الملبدة بالغيوم وهي ترسل صوتاً من بعيد ، ثم يزداد هطول المطر فجأة ، وفي منتصف الطريق وبتردد وقلق أسأل نفسي ، ترى هل أعود أم أكمل طريقي ؟ لكني أعود وأكمل طريقي فأنا اليوم أريد أن أبقى خارج المنزل أطول وقت ممكن ، تمر سيارة فأتعمد ألا ألتفت خلفي حتى تبتعد ،ترى ماذا سيقول عني ..عندما يراني أسير وحدي في هذا الجو الماطر وفي هذه الساعة ؟ كنت أشعر بالحرج لكني أتجاهل هذا الشعور وأكمل سيري تحت رذاذ المطر ، ألتقط صوري ، وأجمع أفكاري فيلهمني بكلمات أقول فيها بصوت خافت متحشرج ..
الأرض تعشق المطر
فاح التراب بالعطر
رذاذ كحلم الفجر
أحيا النبات والشجر
وبعد عودتي إلى البيت تذكرت مركبتي الصغيرة و اتجهت إلى حيث هي تقبع في إحدى الزوايا منذ عدة أسابيع وكأنها تقول لي أرجوك ياسيدتي أخرجيني من هنا أريد أن أتنفس قليلاً ، لقد أشتقت إلى الشوارع والأماكن ، أما أنا فأكاد أن أنسى ( القيادة) لذلك يجب أن أستغل هذه الأجواء الخالية وألبي نداء سيارتي ، إنها فرصة
حيث لاوجود للخطر في تفكيري ، انطلقت مجدداً بمركبتي بسرعة لمسافة بعيدة ،وفي هذه الأثناء أشرد بذهني وأرتطم بمطب كبير ثم أنحرف يميناً وأرتطم مرة أخرى بالرصيف لتقفز مركبتي وتستقر خارج الطريق وبعد قليل بدأت أستفيق من ذهولي بابتسامة ،فحمدت الله أنني لم أصب بسوء وإن المقدر لابد أن يكون مهما احتاط الإنسان ،لكني أصبت بصدمة كبيرة من الخوف ، ياللمصيبة ! ماذا حدث لمركبتي ؟ لقد صارت في حالة يرثى لها ، كيف سأعود إلى البيت الآن ؟، لقد ابتعدت كثيراً ، ولكن ليس هناك مفر من الاتصال بأحد أفراد المنزل لمساعدتي ، فهل كان يوماً جميلاً أم يوماً سيئاً ؟ أم جميلاً وسيئاً ! أوله حلو وآخره مر .
.
هيا الدوسري
اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.