اخبار الصحة

د.المتوكل استشاري الباطنية والكلى في حديث حول:الفشل الكلوي المزمن والوقاية الأوليّة

الأحساء - زهير الغزال

تتحقّق الصحّة باكتمال أبعادها البدنيّة والنفسيّة والاجتماعيّة، وهو ما لا يمكن أن يتأتى دون التدابير الوقائيّة اللازمة،للحد من معدّلي حدوث الأمراض وانتشارها.
ولاشك أنّ التحدّي الذي تفرضه أمراض الكلى على الفرد والمجتمع كبير للغاية، ويستلزم اتّخاذ خطوات معياريّة للحد من هذا النزيف، واتّقاء المرض قدر الاستطاعة.
وللوقوف على بعض الإحصاءات بشأن أمراض الكلى فإنّ المعلومات المتاحة تبيّن أنّ عشرة في المئة من سكّان العالم يعانون من الفشل الكلوي المزمن،وهو ما يتجاوز ثمانمئة مليون إنسان،ويدّل هذا العدد الكبير من المصابين على عبء مرضي يجعل من الفشل الكلوي سبباً في كثير من الوفيات،حيث تزداد بسببها احتمالات الوفاة المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة بمقدار عشرة أضعاف،وهي عامل اختطار للإصابة بأمراض السكّري والضغط.
وأخذاً في الاعتبار أنّ للفشل الكلوي المزمن خمس مراحل فإن لكل مرحلة منها متطّلبات وقائيّة، مع اختلاف القدرة على الاستجابة للعلاج،والحد من عبء المرض كلما تقدّمنا في هذه المراحل.
وللوقاية من الإصابة بالفشل الكلوي المزمن في مرحلته الأولى ينبغي العمل على مراقبة النمط الغذائي، والمحافظة على تغذية صحيّة مستمرة،ويتطلّب هذا الأمر الحد من تناول الغذاء المعالج بمواد كيمائيّة،والوجبات السريعة، والأغذية المحتوية على كمّيات كبيرة من السكّر والملح،والعمل على تناول وجبات صحيّة متوازنة ضمن مكوّنات الهرم الغذائي (أو القبّة الغذائيّة)،وبما يلبّي احتياجات الجسم من أغذية الطاقة والبناء والوقاية.
وللوقوف على النمط التغذوي الموصى به ينبغي تناول لترين من الماء على الأقل كل يوم، والإكثار من الفواكه والخضروات،وهي من أغذية الوقاية،وبما لا يقل عن خمس حصص يومياً.
وكذلك فإنّ تناول النشويات مهم طالما تمّ الالتزام باستبدال الدقيق الأبيض بالخبز المحضّر من الحبة الكاملة،أوتناول الأرز،أو المعكرونة،وهي من أغذية البناء،مع الحرص على ألا يتجاوز مقدار ما نتناوله منها ست حصص غذائيّة،أو ما يعادل 1200 سعرة حراريّة.
كما أنّ بعض منتجات الألبان أو بدائلها مهم لتغذية وقائيّة معياريّة،إلى جانب أغذية البناء الأخرى مثل:البقوليات أو الأسماك أو البيض أو اللحوم كمصدر للبروتين،وبما لا يتجاوز خمسين غراماً في المتوسّط.
ويعدّ العمل على تأمين وجبة غذائيّة ضمن مستويات منخفضة من الدهون المشبعة والملح والسكر أمراً أساسيّاً لتحقيق الوقاية من المراحل المتقدّمة من الفشل الكلوي المزمن،مع الحرص على استمراريّة هذا النمط مدى الحياة.
ومن خلال التغذية الصحيّة يمكن ضبط الوزن ضمن معدّل كتلة الجسم الموصى به، وبالتالي النجاح في المهمّة الوقائيّة الأولى،والمتمثّلة في المحافظة على وزن صحّي. ولتحقيق ذلك،لابدّ من التخطيط للتدابير الوقائيّة، من خلال تحديد هدف قابل للتحقّق،وصولاً إلى الوزن المعياري المطلوب.
كما اّن ممارسة الرياضة يوميّاً، وبما لا يقل عن ثلاثين دقيقة، أمرً حيوي للحفاظ على الصحّة، والحد من مخاطر الأمراض،ومنها الفشل الكلوي المزمن،وينبغي أن تكون الرياضة خلال هذه المدة مستمرّة،لتحقيق المردود المطلوب على الصحّة العامّة، والتي لا تقف على الجانب البدني بل تتجاوزه إلى الجانب النفسي.
وهنا،وطالما وصل الحديث إلى الصحّة النفسيّة وعلاقتها بالفشل الكلوي المزمن،فإنّ الحالة العقليّة المتوازنة وقاية بحد ذاتها،وتتحقّق من خلال العمل على التواؤم مع الكروب،والتعامل مع الضغوطات من حولنا بحكمة ومرونة،ويساعد على ذلك بالطبع أن يحصل الإنسان على قسط كافٍ من النوم،وفي حدود سبع إلى ثمان ساعات يوميّاً.
وإلى جانب ما ذكر فإنّ الابتعاد عن الممارسات الضارّة كتناول التبع،والكحول، والأدوية دون وصفة طبيّة من وسائل الوقاية الأساسيّة، وسبيل إلى تعزيز الصحّة، والوقاية من الفشل الكلوي المزمن.
إنّ ما ذكر هو مزيج متجانس من الوصايا الوقائيّة،ولا بد من الاهتمام بالعمل على الوفاء بها كاملة،لأنّ الإخلال بأي منها إخلالً بالصحّة،كما أنّ الالتزام بواحدة من هذه الوصايا يعزّز كفاءة الأخرى،وعلى سبيل المثال فإنّ الرياضة والنوم سبب في تحسين المزاج، ورفع الحالة المعنويّة، وبالتالي تحقيق الصحّة النفسيّة،والتي تنعكس إيجاباً على الصحّة الجسديّة.
وحيث أنّ للوقاية، كما للمرض، مراحلها،فإنّ الوقاية الثانويّة والثالثيّة والتلطيفيّة مطلوبة دوماً،وهي تواكب مراحل الفشل الكلوي المزمن، ولعلنا تناول ذلك في مقال قادم.
دمتم في تمام معافاة.
__________________
*د.عبدالرحمن بن عباس المتوكل*
*استشاري أمراض الباطنية والكلى بمستشفيات الحمادي بالرياض*
____________
د.عبدالرحمن المتوكل


اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى