أرصاد فلكية عربية تشارك في توجيه مركبة لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”
الاحساء - زهير الغزال
بطلب من فريق علمي مرتبط بوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، قام مرصد الختم الفلكي في أبوظبي بأرصاد فلكية احترافية تساعد في توجيه مركبة فضائية أطلقتها وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” عام 2021م في مهمة تسمى “Lucy” لاستكشاف بعض الكويكبات الواقعة بالقرب من كوكب المشتري. وتُظهر هذه المشاركة أهمية دور الإمارات في المجال الفلكي، حيث تؤكد مكانتها كدولة رائدة في المنطقة، وتسهم هذه الجهود في تعزيز سمعة الإمارات وتشجيع التعاون الدولي في المشاريع العلمية الكبيرة، مما يبرز قدراتها المتقدمة في دعم البحوث واستكشاف الفضاء.
ومن جهته ذكر المهندس خلفان بن سلطان النعيمي، رئيس مركز الفلك الدولي بأن المرصد تلقى طلبا يوم 04 يوليو 2024م من رئيس الفريق العلمي لأحد المراصد الفلكية في المملكة البريطانية، والذي يشرف على مجموعة من المراصد الفلكية تقع في أماكن مختلفة في العالم، وذلك لرصد أحد الكويكبات الواقعة بالقرب من كوكب المشتري، حيث أكد رئيس الفريق على أهمية موقع دولة الإمارات للمشاركة في هذه الحملة العالمية، وذلك نظرا لقلة المراصد الفلكية الاحترافية في المنطقة العربية والمناطق الواقعة على نفس خط طولها، وبالتالي فإن الأرصاد العربية ستكون مكملة للأرصاد الواقعة ما بين شرق وغرب العالم.
وأوضح “النعيمي” بأن الكويكب المطلوب رصده عبارة عن كويكب ثنائي، بمعنى أنه يتكون من كويكبين يدوران حول بعضهما البعض مرة واحدة كل 103 ساعة، ويسمى الكويكب الكبير (617 Patroclus) ويبلغ قطره 113 كم، ويسمى الكويكب الأصغر (Menoetius) ويبلغ قطره 104 كم. وهذا الكويكب هو واحد من خمسة كويكبات تقع بالقرب من المشتري ستزوره مركبة “ناسا” الفضائية عام 2033م.
وأضاف “النعيمي” بأن المطلوب من المراصد المشاركة في هذه الحملة هو رصد هذا الكويكب الثنائي عندما يعبر أحد الكويكبات أمام الآخر، وعندها يقل اللمعان الكلي للمنظومة، ومن خلال رصد هذه الظاهرة عدة مرات وبقياس موعد ومقدار التغير في اللمعان سيتمكن المسؤولون عن المركبة الفضائية من معرفة وضع الكويكبين بشكل دقيق قبل وصول المركبة إليهما. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الرصد متاح فقط عنما يقع مستوى دوران الكويكبين على نفس مستوى نظرنا من الأرض، وهو ما سيحدث مرتان فقط، الأولى في الفترة من إبريل إلى ديسمبر 2024 والثانية من يناير إلى يونيو 2030م.
ومن جهة أخرى، ذكر المهندس محمد شوكت عودة، مدير مرصد الختم الفلكي بأن أهمية الرصد تكمن بأن المهام العلمية للمركبة الفضائية لرصد الكويكب ومنها أنظمة التوجيه ومهام التصوير ومدة التصوير يجب أن تبرمج مسبقا وبشكل دقيق لأن هذه المهام ستتم بشكل آلي دون تدخل الإنسان، ولا توجد فرصة ثانية للقيام بهذه الأرصاد، ولا يمكن إضاعة الوقت عند وصول المركبة لإعادة توجيهها، فالزمن الذي يحتاجه الضوء ليصل من تلك المسافة هو حوالي 50 دقيقة، وهذا يعني أن أي أمر توجيه سيستغرق أكثر من 100 دقيقة لتنفيذه، وهذا قد يؤدي إلى فشل المهمة بالكامل. ولذلك من الضروري ولضمان نجاح المهمة معرفة العناصر المدارية لمنظومة الكويكب بشكل دقيق قبل وصول المركبة إليه. ومن هنا كان النداء للمراصد الفلكية العالمية القادرة على إجراء هذا النوع من الأرصاد للمشاركة بمهمة الرصد.
وأضاف “عودة” بأن عملية الرصد تتمثل بتصوير الكويكب صور متتالية لمدة عدة ساعات عند مرور أحد الكويكبات أمام الآخر، ونظرا لأن مدة العبور قد تستغرق حوالي سبع ساعات، فمن الصعب أن يتمكن مرصد واحد فقط من رصد كامل الظاهرة من أولها لآخرها، ولذلك كان من الضروري القيام بحملة عالمية تشارك فيها مراصد فلكية من مختلف دول العالم، من أستراليا شرقا وحتى الولايات المتحدة غربا، وبعد تجميع أرصاد مختلف المراصد مع بعضها البعض يمكن رسم المنحنى الضوئي لتغير لمعان الكويكب عند كل ظاهرة عبور، إذ يتم تحليل كل صورة على حدة، ويتم قياس شدة لمعان الكويكب في كل صورة، وبعد التحليل يلاحظ اختلاف لمعان الكويكب بشكل دوري، ومن خلال تحديد الزمن الدوري للاختلاف يتم معرفة مدة دوران الكويكبين حول بعضهما البعض.
وأكد “عودة” بأنه واستجابة لذلك قام مرصد الختم الفلكي بأول رصد للكويكب بتاريخ 25 يوليو 2024، وكان آخرها يوم 23 أكتوبر 2024م، وقد شارك في هذه الحملة 18 مرصدا عالميا، أربعة منها في أستراليا، وواحد فقط في آسيا وهو مرصد الختم الفلكي، وواحد في أفريقيا، وسبعة في أوروبا، وخمسة في قارتي أمريكا. وبلغت مجموع الأرصاد الكلية لجميع المراصد 21 رصدا، وكان مرصد الختم الفلكي صاحب أكبر عدد من الأرصاد إذ بلغت 10 أرصاد، وتلاه مرصد في الولايات المتحدة
اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.